وقوله: {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ}. قال النسفي: (أي: من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحد الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة، أو من يحميهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء).
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام: 46].
2 - وقال تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23].
فَصِحَّةُ هذه الآلات من النعم الجليلة التي يغفل عنها كثير من الناس ولا يؤدون حق شكرها.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ] (?).
وأخرج الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [اغتنم خَمسًا قبل خمس: حياتك قبلَ موتك، وصحتك قبل سقمكِ، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك] (?).
وقوله: {وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}. أي: يخرج الشيء الحيّ من الشيء الميت وبالعكس، كما سبق ذكره بآفاقه المختلفة، نحو النطفة من الإنسان، والبيضة من الطائر، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
وقوله: {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}. قال القاسمي: (أي ومن يلي تدبير أمر العالم كله، بيده ملكوت كل شيء، تعميم بعد تخصيص).
وقوله: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}. أي: سيعترفون بأن كل الأمر والخلق لله، فقل لهم عند ذلك: أفلا تخافون غضبه وتتقون عقابه فتفردوه سبحانه بالطاعة والعبادة والتعظيم.