وقد اختلف المفسرون في المقصود في قوله: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} على وجهين:

الوجه الأول: المقصود مسجد المدينة.

فقد روى ابن جرير بإسناده إلى عثمان بن عبيد الله قال: (أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر، أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أيّ مسجد هو؟ مسجد المدينة أو مسجد قباء؟ قال: لا، مسجد المدينة).

وقال زيد بن ثابت: (المسجد الذي أسس على التقوى مسجد الرسول).

الوجه الثاني: بل المقصود مسجد قُباء.

فعن ابن عباس: (قوله: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}، يعني مسجد قُباء).

وكذلك قال ابن بريدة: (مسجد قباء، الذي أسس على التقوى، بناه نبي الله - صلى الله عليه وسلم -)

وقد جمع الحافظ ابن كثير بين القولين جمعًا لطيفًا حيث قال: (وقد ورد في الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي في جوف المدينة هو المسجد الذي أسس على التقوى، وهذا صحيح. ولا منافاة بين الآية وبين هذا، لأنه كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى والأحرى).

ثم ذكر أحاديث بعضها رواه الإمام أحمد وبعضها جاء في بعض السنن وله رواية عند الإمام مسلم:

فقد أخرج الإمام أحمد في المسند عن أبي سعيد أنه قال: [تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو مسجدي] (?).

ورواه مسلم عن حميد الخراط المدني قال: [سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015