وقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ}، أي برجائهم، وبكل ما يخفى وما يظهر، {حَكِيمٌ} في إرجائهم، وفي كل أمره وقدره.
وأصل الإرجاء التأخير. من أرجأته أي أخّرته. ومنه سمي "المرجئة" - لأنهم أخّروا العمل.
قال القرطبي: ({إِمَّا} في العربية لأحد أمرين، والله عز وجل عالم بمصير الأشياء، ولكن المخاطبة للعباد على ما يعرفون، أي ليكن أمرهم عندكم على الرجاء لأنه ليس للعباد أكثر من هذا).
والمقصود: أنّ "إما" في قوله تعالى: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} أنها للشك بالنسبة للعباد، أي خافوا عليهم العذاب وارجوا لهم الرحمة، وأما الله تعالى فهو عالم بمصير كل شيء وإليه يرجع الأمر كله.
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء] (?).
107 - 110. قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)}.
في هذه الآيات: كَشْفُ الله تعالى قصة مسجد الضرار الذي أسّسه المنافقون على