قال ابن زيد: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا}، قال: كانوا اثني عشر ألفًا).

والباء في قوله تعالى: {بِمَا رَحُبَتْ} بمعنى في، كما ذكر أهل اللغة، والتقدير: وضاقت عليكم الأرض في رحبها وسعتها.

وفي قوله: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}، قال قتادة: (ذكر لنا أن رجلًا قال يومئذ: لن نغلب اليوم بكُثْرة، وذُكِرَ لنا أن الطلقاء انجفلوا يومئذ بالناس - أي فروا مسرعين -).

ثم قال جل ذكره: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.

روى مسلم في صحيحه عن سلمة قال: [فلما غشوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تُراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال: شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله عز وجل بذلك، وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائمهم بين المسلمين] (?).

وروى أحمد في المسند عن أبي عبد الرحمن الفهري قال: [فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فتشامت الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، ثم قال: يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله. قال: ثم اقتحم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرسه فأخذ كفًا من تراب، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني ضرب به وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فهزمهم الله عز وجل. قال يحيى بن عطاء - أحد الرواة - فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفيه ترابًا] (?).

وكذلك في المسند، وسيرة ابن إسحاق، بسند حسن عن جابر قال: [فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس قال: يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة، فأجابوه: لبيك لبيك، فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره فلا يقدر على ذلك فيقذف درعه في عنقه ويأخذ سيفه وقوسه ثم يؤم الصوت، حتى اجتمع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم مئة، فاستعرض الناس فاقتتلوا، وكانت الدعوة أول ما كانت بالأنصار، ثم جعلت آخرًا بالخزرج، وكانوا صبراء عند الحرب] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015