الصلوات الخمس، {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ}، يقول: ثم لم يعبد إلا الله، قال: {فَعَسَى أُولَئِكَ}، يقول: إن أولئك هم المفلحون، كقوله لنبيه: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]: يقول: إن ربك سيبعثك مقامًا محمودًا، وهي الشفاعة، وكل "عسى"، في القرآن فهي موجبة).

وقال ابن إسحاق: (و {عَسَى} من الله حق).

فعرّف سبحانه وتعالى في هذه الآية عمار المساجد على الحقيقة، بعد أن نفى ذلك عن المشركين.

وفي التنزيل: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: 34].

وقد حفلت السنة الصحيحة بكنوز من الخير في آفاق هذا المعنى:

الحديث الأول: أخرج الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" - بسند جيد - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله لينادي يوم القيامة: أين جيراني، أين جيراني؟ قال: فتقول الملائكةُ: ربنا! ومن ينبغي أن يجاورك؟ فيقول: أين عُمّار المساجد؟ ] (?).

الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [مَنْ راح إلى مسجد الجماعة، فخطوة تمحو سيئة، وخطوةٌ تكتبُ له حسنة، ذاهبًا وراجعًا] (?).

الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه عن عثمان، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [من بني مسجدًا يبتغي به وَجْه الله بنى الله له مِثْلَهُ في الجنة] (?).

وله شاهد عند ابن ماجه من حديث جابر مرفوعًا: [من بنى لله مسجدًا، ولو كَمَفْحَصِ قطاة أو أصغر، بنى الله له بيتًا في الجنة].

الحديث الرابع: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [سبعة يظلهم الله تعالى في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: إمام عَدْلٌ، وشاب نشأ في عبادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015