وقال محمد بن كعب: (لما خرجت قريش من مكة إلى بدر، خرجوا بالقيان والدفوف).

فقال أبو جهل: (والله لا نرجع حتى نرد بدرًا، فنقيم عليه ثلاثًا، وننحر الجُزُر، ونطعم الطعام، ونسقي الخمور، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبدًا) - ذكره ابن هشام.

والمقصود: تحذير الله سبحانه المؤمنين من التشبه بالمشركين في خُروجهم من ديارهم، {بَطَرًا} أي: دفعًا للحق، {وَرِئَاءَ النَّاسِ} أي: مفاخرة وتكبرًا عليهم، وصدًا للناس عن الدخول في دين الله.

وقوله: {وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}. أي: عالم بجميع ما كان من المشركين من البطر والرياء والكبر والصد عن سبيله، وهو سبحانه مجازيهم على ذلك ومعاقبهم.

وقوله: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}.

المعنى: لقد زيَّن الشيطان للمشركين يوم بدر خروجهم في معاداة الرسول والمؤمنين، ووسوس لهم أنه لا غالب لكم اليوم، وأنه مجير ومعين لهم.

وقوله: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

أي: ظهر الشيطان على حقيقته عندما رأى صدق المؤمنين عند الالتحام، ومدد الله بجنده من السماء، فتقهقر وأعلن انسحابه وبراءته من العهد والجوار، وخوفه من بأس الله وجنده وشدة عقابه.

قال القاسمي: ({فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} أي تلاقتا، وتراءت كل واحدة صاحبتها، فرأى الملائكة نازلة من السماء لإمداد المؤمنين {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} أي ولّى هاربًا على قفاه {وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ} أي من عهد جواركم {إِنِّي أَرَى} أي من الملائكة النازلة لإمداد المؤمنين {مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} أي: أن يعذبني قبل يوم القيامة {وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} أي فلا يبعد مع إمهالي إلى القيامة، أن يعذبني لشدة عقابه).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015