الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، بسند رجاله ثقات، عن عبادة بن الصامت قال: [خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدرًا فالتقى الناس، فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، فأكبت طائفة على المعسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصيب العدو منه غرَّة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به، فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وفاق بين المسلمين] (?).

الحديث الثالث: أخرج الحاكم وابن حبان بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: من قتل قتيلًا فله كذا وكذا، أما المشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأمَّا الشُّبان فتسارعوا إلى الغنائم. فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا ردءًا لكم ولو كان شيء لجئتم إلينا، فأبوا، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}] (?).

وقد ذكر ابن جرير بسنده عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد قال: (سمعتُ رجلًا يسأل ابن عباس عن الأنفال؟ فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الفرس من النَّفْل، والسلب من النفل، ثم عاد لِمَسْأَلَتِهِ، فقال ابن عباس ذلك أيضًا، ثم قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه، ما هي؟ قال القاسم: فلم يزل يسأله حتى كاد يُحرِجُه، فقال ابن عباس: أتدرون ما مَثَلُ هذا؟ مثلُ صَبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب).

وله شاهد أخرجه عبد الرَّزاق، قال: أخبرنا مَعْمَر، عن الزُّهريّ، عن القاسم بن محمد قال: قال ابن عباس: (كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا سُئِلَ عن شيء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015