قلت: والراجح ما أخرج البخاري في صحيحه، عن هشام، عن أبيه عروة، عن أخيه عبد الله بن الزبير قال: (إنما أنزل: {خُذِ الْعَفْوَ} من أخلاق الناس). وفي رواية سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن ابن الزبير: ({خُذِ الْعَفْوَ} قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم).

قال النسفي: ({خُذِ الْعَفْوَ} هو ضد الجهد، أي: ما عفا لك من أخلاق الناس وأفعالهم، ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم حتى لا ينفروا).

ومن كنوز السنة الصحيحة في هذا المعنى، أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا] (?).

وفي لفظ: [يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا].

الحديث الثاني: أخرج أحمد والشيخان عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه ومعاذًا إلى اليمن فقال: [يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا] (?).

الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: [لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال؟ فقال: يا عقبةُ، صِلْ من قطعكَ، وأعطِ من حَرَمَكَ، وأعرض عمن ظلمك] (?).

فدخل في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين المخبتين.

وقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.

قال البخاري: (العرف: المعروف). وهو قول عروة وقتادة وابن جرير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015