وفي صحيح البخاري عن أنس مرفوعًا: [لغدوة (?) في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده -يعني سوطه- من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها (?) على رأسها خير من الدنيا وما فيها].
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (إن لولي الله في الجنة عروسًا لم يلدها آدم ولا حواء، ولكن خلقت من زعفران) (?).
قلت: وأما قول مجاهد (ولا يلدن) ففيه نظر. ففي صحيح الترمذي عن أبي سعيد مرفوعًا: [لمؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنُّهُ في ساعة واحدة كما يشتهي] (?). فإن كان المقصود نفي التوالد المعهود في الدنيا وما يعقبه من نفاس ومتاعب أو ما يسبقه من أطوار الحمل وأعراضه فهو صحيح كما دلت عليه الآية السابقة.
وقوله: {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
قال الحافظ ابن كثير: (هذا هو تمام السعادة فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع فلا آخر له ولا انقضاء، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام، والله المسؤول أن يحشرنا في زمرتهم، إنه جواد كريم، بر رحيم).
وقد جاء معنى الخلود في السنة الصحيحة:
ففي الصحيحين والمسند عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، يُجاء بالموت كأنه كبش أملحُ، فيوقف بينَ الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئِبُّون، فينظرون، ويقولون: نعم، هذا الموت، وكلُّهم قدْ رآه، ثم ينادى: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئِبُّون، فينظرون، فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلُّهم قد رآه، فيؤمر به فيذبَح، ويقال: