وقوله: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}.
أي: قال الله لموسى: إن ما نزل بقومك من الرجفة أو بغيرهم من البأس هو عذابي أصيب به من أشاء من خلقي، ورحمتي عَمَّت جميع خلقي. كما قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق سعة رحمته جل ثناؤه، ومن ذلك:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [جَعَلَ اللهُ الرحمة مئةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عنده تِسْعَةً وتِسْعِينَ، وأنزل في الأرض جُزْءًا واحدًا، فَمِنْ ذلك الجُزْءِ يتراحَمُ الخلائِقُ، حتى ترفعَ الدابَّةُ حَافِرَها عن وَلَدِها، خَشْيَةَ أن تصيبَهُ] (?).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، واللفظ لمسلم عن سَلْمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله خَلَقَ، يَوْمَ خلق السماوات والأرضَ، مِئةَ رحْمَةٍ، كُلُّ رَحْمَةٍ طِباقَ ما بين السماوات والأرض، فجعل منها في الأرض رحْمَةً، فبها تَعْطِفُ الوالِدَةُ على ولدها، والوَحْشُ والطَّيْرُ بعضُها على بعض، فإذا كان يومُ القيامة، أكْمَلَهَا بهذه الرحمة] (?).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجه في السنن بسند صحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لله مئة رحمة، فقسم منها جُزْءًا واحدًا بين الخلق، فبه يتراحم الناس والوحش والطير] (?).
الحديث الرابع: أخرج البزار، وابن أبي الدنيا، بسند حسن في الشواهد عن ابن عمر مرفوعًا: [لَوْ تَعْلَمونَ قَدْرَ رَحْمَةِ الله عَزَّ وجلَّ، لاتَّكَلْتُمْ وما عَمِلتُم مِنْ عَمَلٍ، ولو