ورواه ابن جرير في التفسير - بسند صحيح - من حديث محمد بن إسحاق ومعمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي: [أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين، قال: وكان للكفار سِدْرَةٌ يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرةٍ خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال: قلتم، والذي نفسي بيده، كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139)}] (?).
وقوله: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.
أي: تجهلون صفات الله وعظمته وجلاله، وتجهلون تنزيهه عن المثيل والشريك وعن كل شيء، فهو تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وقوله: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ}.
قال ابن عباس: (يقول: خُسْران). وقال السدي: (مُهْلَكٌ ما هم فيه). أي: إن هؤلاء بعكوفهم على هذه الأصنام، الله مهلك عملهم، ومخسرهم فيه.
وقوله: {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
أي: ذاهب مضمحل. وهو سبب لشقائهم وهلاكهم يوم القيامة.
وقوله تعالى: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
أي: أسوى الله ألتمسكم إلهًا تعبدونه، وهو الله خالقكم وقد فضلكم على عالمي دهركم وزمانكم، وفضلكم بإهلاك عدوكم! فأي جهل أنتم فيه؟
وقوله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}.
قال ابن كثير: (يذكِّرُهم موسى - عليه السلام - بنعمة الله عليهم، من إنقاذهم من أسر فرعون وقهره، وما كانوا فيه من الهوان والذلة، وما صاروا إليه من العزة