عنادًا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضَلَّ وهو يحسب أنه هاد، وفريق الهدى، فرقٌ. وقد فَرَّق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية الكريمة).
وقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)}.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: [كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عُريانة فتقول: من يعيرني تِطْوَافًا تجعله على فرجها وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله .. فما بدا منه فلا أُحِلُّهُ. فنزلت هذه الآية: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}] (?).
وأخرجه الحاكم من طريق شعبة به، وفيه نزلت هذه الآية: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ}.
قال ابن عباس: (كان رجال يطوفون بالبيت عراة، فأمرهم الله بالزينة، والزينة: اللباس، وهو ما يُواري السَّوْأَة، وما سوى ذلك من جَيّد البزّ والمتاع، فَأمِروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد). وقال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، في الطعام والشراب). قال: (أحل الله الأكل والشرب، ما لم يكن سَرَفًا أو مخيلة). والمخيلة: الاختيال والكبر.
قال بعض السلف: (جمع الله الطب كله في نصف آية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}).
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذه المعاني في اللباس والطعام والشراب، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [البسُوا من ثيابكم البياضَ، فإنها من خير ثيابكم، وكَفِّنوا فيها موتاكم، وإن من خيرِ أكحالكم الإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبتُ الشعر] (?).