الملائكة من نور، وخُلِقَ إبليس من مارج من نار، وخُلق آدم مما وصف لكم] (?).

وقوله تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}.

قال السدي: (والصغار: هو الذل). فأهبطه سبحانه بسبب عصيانه الأمر، واستكباره عن الامتثال. قال ابن كثير: (قال كثير من المفسرين: الضمير عائد إلى الجنة - يعني في قوله: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} -، ويحتمل أن يكون عائدًا إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى).

وقوله تعالى: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}.

فاستجاب الله سؤاله، فأنظره إلى يوم البعث، استكمالًا للبلية، ولله الحكمة البالغة.

وقوله تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}.

يتوعد إبليس بالانتقام من ذرية آدم بكل وسيلة يستطيعها - بعدما استوثق في التأجيل ليوم البعث - وكان ذلك حسدًا وكبرًا. قال ابن عباس: ({فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}: كما أضللتني). وقال مجاهد: ({لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}. قال: سبيل الحق، فلأضلنهم إلا قليلًا).

وفي الآية بعدها أقوال:

1 - قال ابن عباس: ({ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}، يقول: أشككهم في آخرتهم، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ}، أرغبهم في دنياهم، {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ}، أشبِّه عليهم أمرَ دينهم، {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ}، أشهِّي لهم المعاصي).

2 - وفي رواية عنه: (أما {بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}، فمن قبلهم - يعني من الدنيا -، وأما {مِنْ خَلْفِهِمْ}، فأمر آخرتهم، وأما {عَنْ أَيْمَانِهِمْ} فمن قبل حسناتهم، وأما {عَنْ شَمَائِلِهِم}، فمن قبل سيئاتهم).

3 - وقال ابن جريج: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}، من دنياهم، أرغّبهم فيها، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ}، آخرتهم، أكفّرهم بها وأزهدهم فيها، {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ}، حسناتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015