الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبيِ هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يَجْزِي وَلَدٌ والِدًا إلا أنْ يَجِدَهُ مَمْلوكًا فيَشْتَرِيَه فيُعْتِقَه] (?).
الحديث الثالث: أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله مَنْ أحَقُّ الناس بِحُسْنِ صَحَابتي؟ قال: أُمُّكَ. قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: أمُّكَ. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمُّك. قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: أبوكَ] (?).
قال أهل العلم: ومقتضى الحديث أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وكأن ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الإرضاع.
وقال القرطبي: (إن الأم تستحق الحظ الأوفر من البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة).
الحديث الرابع: أخرج البخاري في "الأدب المفرد" بسند صحيح عن ابن عباس، أنه أتاه رجل فقال: إني خَطَبْتُ امرأةً فأَبتْ أن تنكِحَني، وخَطَبها غيري فأحبت أن تَنْكِحَه، فغِرتُ عليها فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أُمُّك حيَّة؟ قال: لا، قال: تب إلى الله عز وجل، وتقرَّب إليه ما استطعت. قال عطاء بن يسار: فذهبت فسألت ابن عباس: لِمَ سألته عن حياة أمه؟ فقال: [إني لا أعلمُ عَمَلًا أقربُ إلى الله عز وجل من بِرِّ الوالدة] (?).
وقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}.
قال ابن عباس: (الإملاق الفقر، قتلوا أولادهم خشية الفقر). وقال قتادة: (أي: خشية الفاقة).
وقال ابن جريج: ({مِنْ إِمْلَاقٍ} - قال: شياطينهم، يأمرونهم أن يئدِوا أولادهم خيفة العَيْلة).
وقال ابن كثير: (وذلك أنهم كانوا يقتلون أولادهم كما سَوَّلت لهم الشياطين ذلك، فكانوا يَئِدون البناتِ خشيةَ العار، وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار).