كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)}.

في هذه الآيات: يقول جل ذكره: وأنشأ لكم - أيها الناس - من الأنعام ثمانية أزواج، من الضأن اثنين - ذكر وأنثى - فذلك أربعة، ومن المعز اثنين - ذكر وأنثى - فذلك أربعة، لأن الذكر زوج الأنثى والأنثى زوج الذكر - فقل - يا محمد - لهؤلاء الكذبة على الله: آلذكرين حرم ربكم من الضأن والمعز - فإن أقروا فقد ناقضوا أنفسهم وهم يستمتعون بلحوم الذكران منها وظهورها - أم حرّم الأنثيين؟ فإن أقروا فقد ناقضوا أنفسهم مرة أخرى، فهم يستمتعون بلحوم بعض ذلك وظهوره! أم حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين - أنثى الضأن وأنثى المعز؟ فإن أقروا فقد كذبوا باستمتاعهم ببعض ذلك! قل لهم: خبروني بعلم عن مذهبكم الذي شرعتموه وأشركتم بالله في التشريع. والأمر نفسه بالنسبة للإبل والبقر. قل لهم يا محمد: كيف حرمتم وأحللتم - هل شهدتم ربكم فوصاكم بهذا أم تفترون عليه الكذب، فمن أظلم ممن كذب على الله ليصد الناس عن سبيله، إن الله لا يوفق الكاذبين المفترين. قل لهؤلاء المفترين: إني لا أجد فيما أوحي إلي من كتاب الله وشرعه محرّمًا على آكل يأكله - مما تصفون - إلا ميتة ماتت دون تذكية أو دمًا انصبّ أو لحم خنزير - فذلك رجس - أو فسقًا - كذبح عبدة الأوثان والمشركين - فما سبق لا يجوز أكله إلا عند الضرورة وخشية الهلاك والله غفور رحيم. لقد حرمنا فيما مضى على اليهود كل ذي ظفر من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع - كالإبل والنَّعام والإوز والبط، ومن البقر والغنم حرم شحومهما إلا شحومَ الجَنْب وما علق بالظهر، أو ما حملت الحوايا - وهو ما تحوّى من البطن فاجتمع واستدار - وإلا ما اختلط بعظم عقوبة على تنطعهم وبغيهم ونحن الصادقون في تشريعنا وأخبارنا عنهم، وهم الكاذبون في ادعائهم أن ذلك مما حرمه إسرائيل على نفسه فحرموه على أنفسهم.

قال ابن عباس: ({ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} فهذه أزواج أربعة).

وقال الضحاك: ({مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ}، ذكر وأنثى، {وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ}، ذكر وأنثى، {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ}، ذكر وأنثى).

قال ابن كثير: (بَيّنَ أصنافَ الأنعام إلى غَنَمٍ وهو بياض وهو الضأن، وسواد وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015