المطر في سواق تشق له. واشتق من العاثور: الساقية التي يجري فيها الماء، لأن الماشي يعثر فيها (?).
قلت: وأما بقية الأصناف من الزروع والثمار غير الأربعة ففيها صدقة سوى الزكاة، تسع الأقارب والجيران، والأهل والأرحام، متروك مقدارها لمنزلة الإحسان. تدخل في قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267].
أخرج أبو داود بسند صحيح عن جابر بن عبد الله: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمر من كل جاد (?) عشرة أوسق من التمر، بقنو يعلق في المسجد للمساكين] (?).
قال ابن سِيرين: (كانوا يعطون شيئًا سوى الزكاة)، وبنحوه قال مجاهد.
وقوله: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
فيه أقوال متكاملة.
1 - قال أبو العالية: (كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا، ثم تبارَوا فيه وأسرفوا، فأنزل الله: {وَلَا تُسْرِفُوا}).
2 - قال ابن جريج، عن عطاء: (ينهى عن السَّرَف في كل شيء). وقال إياس بن معاوية: (ما جاوَزْتَ به أمرَ الله فهو سَرَف).
3 - وقال السدي: {وَلَا تُسْرِفُوا}: لا تعطوا أموالكم، فتقعدوا فقراء).
4 - وقال سعيد بن المسيب: ({وَلَا تُسْرِفُوا}: لا تمنعوا الصدقةَ فتعصوا ربكم).
واختار ابن جرير قول عطاء: نهي عن الإسراف في كل شي. واختار ابن كثير: لا تسرفوا في الأكل لما فيه من مَضَرّة العقل والبدن، كما قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا. .} [الأعراف: 31].