أوثانهم وأصنامهم والمعظمين شهواتهم فوق منهج الله تعالى، مع أوليائهم من الشياطين فيجمعهم في موقف المحشر، ثم يقول للجن: لقد استكثرتم من إضلال الإنس وإغوائهم، فيجيب أولياء الجن من الإنس: ربنا لقد تبادلنا المنافع فيما بيننا فأدركنا الشهوات بتعظيم المردة وطاعتهم حتى وافانا الأجل وحال بيننا الموت! قال: النار مثواكم خالدين فيها إلا ما كان من مدة الحشر، إن ربك - يا محمد - حكيم بتدبير أمور خلقه، عليم بعواقب الأمور وبمصير كل فرد من الجن والإنس يوم القيامة. وكذلك نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس بأعمالهم. ويوم القيامة يناديهم: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يعرفونكم آياتي ونعمي لديكم، ويبيّنون لكم ما يجب عليكم تجاه بارئكم من التعظيم والعبادة والاستعداد للقائه، فأجابوا: بلى شهدنا على أنفسنا ببلاغ الرسل ووضوح الآيات والحجج، ولكن غرتنا الحياة الدنيا وشهواتها ووقعنا في الكفر والآثام. فاعلم - يا محمد - أنه إنما نرسل الرسل لإقامة الحجة على الناس، فما كان الله ليرسل العذاب على أمة حتى يقيم عليهم حجته البالغة، ومن ثم فلكل عامل في طاعة الله أو معصيته منازل ومراتب يبلغها يوم يوضع الميزان ليزن الأعمال وما ربك بغافل عما يعملون.
وقوله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا}.
قرأ ذلك نافع: {ويوم نحشرهم جميعًا} وهي في محل نصب بفعل محذوف تقديره: نقول. أي: "ويوم نحشرهم جميعًا نقول. .". وأما جميعًا فهي في محل نصب على الحال، والمراد حشر جميع الخلق في موقف القيامة.
وأما قوله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ} فهو منادى مضاف.
وقوله: {قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ}.
قال ابن عباس: (يعني أضللتم منهم كثيرًا). وقال مجاهد: (كثر من أغويتم). فحكى الله إجابتهم بقوله: {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ}. والتقدير في العربية: استمتع بعضنا بعضًا. قال القرطبي: (فاستمتاع الجن من الإنس أن تلذذوا بطاعة الإنس إياهم، وتلذذ الإنس بقبولهم من الجن حتى زنوا وشربوا الخمور بإغواء الجن إياهم). وقال ابن جريج في هذه الآية: (كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي، فذلك استمتاعهم فاعتذروا يوم القيامة). وفي