بها ويأخذ، وإليها ينتهي، كتاب الله، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}، وهذا مثل الكافر في الضلالة، متحيّر فيها متسكع، لا يجد مخرجًا ولا منفذًا).
أخرج الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
[إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل] (?).
والظلمة: هي ظلمة الطباع والجهل والأهواء والخضوع للغرائز والشهوات.
والنور: هو نور الوحي ونور السنة، نور النبوة والرسالات. نور الفطرة والميثاق مع الله، الذي أخذه سبحانه على عباده بنعمان - وهو واد إلى جنب عرفات. فالله سبحانه خلق خلقه في تلك الظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره لئلا يبقوا في الظلمة، بل ليستضيئوا بنور الوحي والنبوة، فكادتهم الشياطين عند ذلك.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه، من حديث عياض مرفوعًا: [قال الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء كُلَّهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحْلَلْتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزِل به سلطانًا] (?).
وفي التنزيل: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].
قال ابن القيم: (فأولياؤهم يعيدوهم إلى ما خلقوا فيه من ظلمة طبائعهم وجهلهم وأهوائهم، وكلما أشرق لهم نور النبوة والوحي وكادوا أن يدخلوا فيه منعهم أولياؤهم منه وصدّوهم فذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات).