جل ذكره: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 17].
فالمعنى: ولو أشرك هؤلاء الأنبياء الذين سمّاهم ربهم فعبدوا معه غيره، لبطل ثواب عملهم ولذهب الأجر وكان الهلاك. ولكنهم لم يفعلوا فقد كانوا خير البشر بحق، واستحقوا الاصطفاء بصدق، فليحذر مغبة الشرك أقوامهم ومن جاء بعدهم من أمة الخلق. فإن الله تعالى لا يحابي أحدًا.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [قال الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعِزّ إزاري، فمن نازعني في شيء منهما عذّبته] (?).
ورواه الإمام أحمد عنه بلفظ: [قال الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار] (?).
ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [قال الله تعالى: الكبرياء ردائي، فمن نازعني في ردائي قصمته] (?).
وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ}.
يعني الفهم بالكتاب، وَفِقْهَ ما فيه من الأحكام والشرائع، واصطفاء مقام النبوة. والحديث عن الأنبياء والرسل الذين مضى ذكرهم والثناء عليهم، فقد قاموا بمهمة النبوة والحكم بمنهاج الوحي أحسن قيام - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ}.
قال ابن عباس: (يقول: إن يكفروا بالقرآن). والمعنى: فإن يكفر - يا محمد - هؤلاء المشركون من قومك. قال قتادة: (أهل مكة).
وقوله: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}
قال قتادة: (أهل المدينة) - يعني الأنصار الذين استجابوا لله والرسول وحرسوا هذا الدين مع إخوانهم من المهاجرين. قال السدي: (إن تكفر بها قريش، {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا}