[لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا، لعن الله من غير منار الأرض] (?).
فقوله: "لعن الله من آوى محدثًا"، أي: مبتدعًا، وإيواؤه الرضا عنه، وحمايته عن التعرض له، واتخاذه جليسًا ونديمًا، وتقريبه وتوقيره.
وقوله: {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}.
أي: حتى يأخذوا في كلام آخر غير الذي فيه تكذيب واستهزاء وسخرية بالشريعة.
وقوله: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
قال أبو مالك: (إن نسيت فذكرت فلا تجلس معهم) ذكره السدي عنه.
وفي التنزيل: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]. أي: لو تابعتم الجلوس بعد ورود النهي فقد أقررتموهم على استهزائهم فشاركتموهم في الإثم.
وكذلك: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113].
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث سلمة -يوم الحديبية والصلح- قال: [فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض، أتيتُ شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في أصلها. قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى ... ] الحديث (?).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند حسن عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من كان