فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عقبة بن عامر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا رأيت الله تعالى يُعطي العبد من الدنيا ما يحِبُّ، وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج] (?).
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله عز وجل يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفْلِتْهُ، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}] (?).
وقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}. قال ابن عباس: (في كفرهم يترددون).
وقال: (يعمهون: يتمادون). وقال ابن مسعود: (يتمادون في كفرهم). قال ابن كثير: (والطغيان: هو المجاوزة في الشيء). وقال ابن جرير: (والعَمَهُ: الضلال، يقال: عَمِهَ فلان يَعْمَهُ عَمَهًا وعُمُوها، إذا ضلّ).
قال القرطبي: (والعمى في العين، والعمه في القلب، وفي التنزيل: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}).
وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالةَ بِالْهُدَى} - فيه أكثر من قول:
1 - عن ابن عباس: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالةَ بِالْهُدَى}، أي الكفر بالإيمان).
2 - عن ابن مسعود: (أخذوا الضلالة وتركوا الهدى).
3 - عن قتادة: (استحبوا الضلالة على الهدى).
4 - عن مجاهد: (آمنوا ثم كفروا).
وهي أقوال متقاربة مفادها أن المنافقين عدلوا عن الهدى إلى الضلال وبذلوا الهدى ثمنًا للضلالة والشهوات.
وقوله: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}.
قال قتادة: (قد والله رأيتموهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة، ومن الجماعة إلى