وقوله: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.

قال القاسمي رحمه الله: (إشارة إلى أنه لا يختص ما ذكر منهم بالقرآن، لرؤيتهم قصورًا فيه، بل مهما يروا من الآيات والحجج مما يدل على صدق الرسول لا يؤمنوا بها، ويحملوها على السحر، لفرط عنادهم، واستحكام التقليد فيهم، فلا فهم عندهم ولا إنصاف. كقوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: 32]. {حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ}. أي: بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنهم إذا جاؤوك يحاجونك ويناظرونك في الحق بالباطل. ثم فسّر المجادلة بقوله: {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أي: أباطيلهم وأحاديثهم التي لا نظام لها. قال: وَعَدُّ أحسن الحديث وأصدقه، من قبيل الأباطيل "وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" -رتبةٌ من الكفر لا غاية وراءها) انتهى.

قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.

أما قوله: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} ففيه قولان:

1 - أي ينهون الناس عن اتباع الحق، وتصديق الرسول والانقياد للقرآن، {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}: أي ويبتعدون هم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحَيْن، لا ينتفعون ولا يتركون أحدًا ينتفع، ويبتعدون. قال قتادة: (جمعوا النهي والنأي. و"النأَي"، التباعد).

قال ابن عباس: ({وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ}: ينهون الناس عن محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يؤمنوا به).

وقال أيضًا: ({وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}، يقول: لا يلقونه، ولا يدعون أحدًا يأتيه).

وقال سالم عن ابن الحنفية: (يتخلفون عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يجيبونه، وينهون الناس عنه).

وقال قتادة: (ينهون عن القرآن، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتباعدون عنه).

2 - أي ينهون عن أذى محمد -صلى الله عليه وسلم- ويتباعدون عن دينه واتباعه.

فعن ابن عباس: (نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن محمد أن يؤذى، وينأى عما جاء به أن يؤمن به).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015