أنهم قد نجوا بخدعهم وفازوا، وإنما ذلك في الدنيا، وفي الآخرة يقال لهم: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}).

وقوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.

{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي: شك. فهم في تردد في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمر نبوته. فزادهم الله بما أنزل من الوحي من الحدود والفرائض شكًّا وحيرة. في حين زاد المؤمنين بذلك إيمانًا وتسليمًا.

وقد فسّر المفسِّرون {المرض} بتفاسير متشابهة:

الأول: الشك. قال السّدِّيُّ عن ابن عباس وغيره: ({فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} , قال: شك، {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} قال: شكًّا). وعن ابن مسعود: (فزادهم الله ريبة وشكًّا).

الثاني: الرياء. قال طاووس وعكرمة: ({فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يعني: الرياء).

الثالث: النفاق. قال الضحاك، عن ابن عباس: ({فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} قال: نفاق {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} قال: نفاقًا).

الرابع: المرض في الدين. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (هذا مرض في الدين، وليس مرضًا في الأجساد، وهم المنافقون. والمرض: الشك الذي دخلهم في الإسلام. {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} قال: زادهم رجسًا، وقرأ: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ... } [التوبة: 124 - 125]. قال: شرًّا إلى شرهم، وضلالة إلى ضلالتهم).

قال الحافظ ابن كثير: (وهذا الذي قاله عبد الرحمن - رحمه الله - حَسَنٌ، وهو الجزاء من جنس العمل، وكذلك قاله الأولون، وهو نظير قوله تعالى أيضًا: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17]).

وقال القرطبي: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}: قيل: هو دعاء عليهم).

{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: أي مؤلم موجع. ففي لغة العرب: الألم: الوَجع، والتألُّم: التوجُّع. قال الرازي: (و"الإيلام" الإيجاع، و"الأليم" المؤلم كالسميع بمعنى المُسْمِع).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015