أقوامهم وأممهم حين دعوهم إلى التوحيد وإفراد الله سبحانه بالتعظيم، فقالوا لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا.
فقوله: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ}.
كقوله في سورة الأعراف: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)}.
وكقوله في سورة الحجر: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}.
وقوله: {قَالوا لَا عِلْمَ لَنَا}.
قال مجاهد: (إنما قالوا ذلك من هول ذلك اليوم).
وقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.
قال ابن جريج: (معنى قوله: {مَاذَا أُجِبْتُمْ} ماذا عملوا بعدكم؟ قالوا: {لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}).
قال أبو عبيد: (ويشبه هذا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يرد عليّ أقوام الحوض فيختلجون فأقول أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك").
قلت: وهذا في الصحيح. فقد أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لَيَرِدَنَّ عليَّ ناسٌ مِنْ أصحابي الحوضَ حتى إذا عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول: أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بَعْدَك] (?).
وكذلك أخرج البخاري عن أبي هريرة أنه كان يُحَدِّثُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [يَرِدُ عَلَيَّ يوم القيامة رَهْطٌ من أصحابي، فَيُجْلَوْنَ عَنِ الحَوضِ فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقول: إنك لا عِلْمَ لك بما أحْدَثُوا بَعْدَك، إنهم ارتدُّوا على أدْبارهم القَهْقَرى] (?).
قال الماورديّ: (فإن قيل: فلم سألهم عما هو أعلم به منهم؟ فعنه جوابان: أحدهما - أنه سألهم ليعلمهم ما لم يعلموا من كفر أممهم ونفاقهم وكذبهم عليهم من بعدهم.
الثاني - أنه أراد أن يفضحهم بذلك على رؤوس الأشهاد ليكون ذلك نوعًا من العقوبة لهم).