قوله: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}.

قال الحافظ ابن كثير: (ما ذاك إلا لأن كفر اليهود عنادٌ وجحودٌ ومباهتةٌ للحق، وغَمْطٌ للناس وتَنَقُّصٌ بحملة العلم. ولهذا قتلوا كثيرًا من الأنبياء حتى هَمُّوا بقَتْلِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير مَرَّةٍ وسَحَرُوه وأَلَّبُوا عليه أشباههم من المشركين، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة).

وقال القرطبي: (بيَّن الله سبحانه في هذه الآياتِ أنّ أشدّ الكفار تمردًا وعتوًّا وعداوة للمسلمين اليهود، ويضاهيهم المشركون، وبيّن أن أقربهم مودة النصارى).

وقوله: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالوا إِنَّا نَصَارَى}.

قال عطاء: (هم ناس من الحبشة آمنوا، إذ جاءتهم مهاجِرَةُ المؤمنين).

وقال قتادة: ونزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى، فله، بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - آمنوا به فأثنى الله عليهم).

وفي التنزيل: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} [الحديد: 27].

فصدق الإيمان بالوحي جعل في قلوبهم رأفة ورحمة ومودة لأهل الإيمان على اختلاف الكتب المنزلة إليهم.

وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}.

القسيسون: جمع قِسِّيس وقَسّ. والرهبان: جمع راهب.

قال ابن زيد: ({القسيسين} عبّادهم). قلت: ولكن لفظ القسيسين يشمل أيضًا علماءهم وخطباءهم وحكماءهم. في حين يدل لفظ الرهبان على العبّاد. فهو مشتق من الرهبة وهي الخوف.

وقوله: {وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}.

قال القاسمي: (أي: يتواضعون لوداعتهم ولا يتكبرون كاليهود. وفي الآية دليل على أن الإقبال على العلم، والإعراض عن الشهوات، والبراء من الكبر - محمود. وإن كان ذلك من كافر).

وقوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015