يُؤْمِنُونَ}: تناهوا في الغواية والضلال، إلى حيث لا يجديهم الإنذار والتذكير).

وسواء: مأخوذ من التساوي أي معتدل، فأي الأمرين كان منك إليهم الإنذار أم ترك الإنذار لأنهم لا يؤمنون، فقد خُتِمَت القلوبُ وطُبعَ عليها نتيجة تراكم الجحود فيها. فيَكون قوله تعالى: {لَا يُؤْمِنُونَ} جملة مؤكِّدة للتي قبلها {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} أو تكون خبرًا والتقدير: (إن الذين كفروا لا يؤمنون) ويكون قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} جملة اعتراضية، وهي مبتدأ وخبر: {سَوَاءٌ} خبر مقدم و {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} في موضع الابتداء، وتقديرها: (سواء عليهم إنذارك وعدمه) والله تعالى أعلم.

وقوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

الختم أصله الطَّبع. قال الرازي: (ختم الشيء من باب ضرَب فهو مختوم).

والخاتِم والخاتَم بفتح التاء وكسرها كله بمعنىً. وخاتمة الشيء آخِرُه. وختمتُ الكتاب إذا طبعته. وفي مفهوم الختم أقوال متقاربة ذكرها أهل التفسير:

1 - القول الأول: قال السدي: (ختم الله: أي طبع الله).

2 - القول الثاني: قال قتادة: (استحوذ عليهم الشيطان إذ أطاعوه، فختم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، فهم لا يبصرون هدى ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون).

3 - القول الثالث: قال مجاهد: ({خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} قال: الطبع، ثبتت الذنوب على القلب فحفَّت به من كل نواحيه حتى تلتقي عليه، فالتقاؤها عليه الطبع، والطبع الختم).

4 - القول الرابع: قال ابن جريج: (الختم على القلب والسمع. قال: وحدثني عبد الله بن كثير، أنه سمع مجاهدًا يقول: الرَّانُ أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الإقفال، والإقفال أشد من ذلك كله).

5 - القول الخامس: قال الأعمش: (أرانا مُجاهد بيده فقال: كانوا يروْن أن القلب في مثل هذا -يعني الكف- فإذا أذنب العبد ذنبًا ضُمّ منه -وقال بإصبعه الخنصر هكذا- فإذا أذنب ضُمَّ -وقال بإصبع أخرى- فإذا أذنب ضُمَّ -وقال بإصبع أخرى هكذا، حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015