وقوله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا}.

أي لا تقحموا حظوظ نفوسكم في القضاء والحكم بين الناس، بل أقيموا العدل على كل أحد، قريبًا كان أم بعيدًا، صديقًا كان أم عدوًا.

وقوله: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.

أي مقام العدل هو الذي يحبه الله ويرضاه، وأما الظلم فهو بغيض إليه جلت عظمته.

وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذه الوصية من اللَّه تعالى لعباده المؤمنين: الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير أنه قال: [نَحَلني أبي نَحلًا، فقالت أمي عَمْرَةُ بنتُ رواحة: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فجاءه لِيُشْهِدَه على صدقتي، فقال: أَكُلَّ ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: اتقوا الله، واعدِلُوا في أولادكم. وقال: إني لا أشهد على جَور. قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة] (?).

الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشّح فإن الشّح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] (?).

الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم - أيضًا - من حديث أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاة الجَلْحَاء من الشاة القرناء] (?).

وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)}.

أي: احذروا معشر المؤمنين الجور ومغبة الظلم، فإن الله قد اطلع على أعمالكم.

وقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015