قلت: والراجح أن الآية عامة في كل مؤمن ومؤمنة، عربي أو عجمي، كتابي وغير كتابي، إنسي أو جني، فلا تصح أي صفة من الأوصاف السابقة دون الأخرى، بل كل واحدة مستلزمة للأخرى وشرط معها، فلا يصح الإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة إلا مع الإيمان بما جاءت به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وبما جاء به نبيّنا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين.

قال مجاهد: (أربع آيات من أول سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين).

وفي التنزيل:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136].

وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46].

وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].

وقال جل ذكره: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19].

وقال جل ثناؤه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152].

فالأمر لجميع المؤمنين بالإيمان بالله ورسله وكتبه وباليوم الآخر، ولكن لمؤمني أهل الكتاب خصوصية، أنهم يؤمنون بما في أيديهم مفصلًا فإذا دخلوا في الإسلام وآمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل إليه كان لهم الأجر مرتين.

ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ثلاثة يؤتون أَجْرَهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بِنبيِّه، وأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015