وهذه الآية شرف عظيم لهذه الأمة، إذ كمل دينها فلا تحتاج إلى أحد بزيادة أو حذف، ولا إلى نبيّ يقدّم لها بعد وفاة نبيّها، فهو - صلى الله عليه وسلم - خاتم الرسل والأنبياء، وقد بعث إلى الجن والإنس، والدِّين هو ما تركنا عليه يوم مات، لا يحيد عن منهاجه إلا هالك، والحلال والحرام هو الذي استقر عليه الأمر بمغادرة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أخرج البخاري عن طارق بن شهاب، عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه: [أن رجلًا من اليهود قال له: يا أمير المؤمثين! آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا مَعْشَر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أيُّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. قال عمر: قد عَرَفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بعرفة يَوْمَ جُمُعَة] (?).

وأخرج ابن جرير وإسناده على شرط الصحيح - عن عمّار- مولى بني هشام -[أن ابن عباس قرأ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. فقال يهودي: لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومَها عيدًا. فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين: يوم عيدٍ ويوم جمعة] (?).

وقوله. {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

قال ابن عباس: ({فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ}، يعني: في مجاعة). وقال السدي: (ذكر الميتة وما فيها، فأحلها في الاضطرار، {فِي مَخْمَصَةٍ}، يقول: في مجاعة). وقال ابن زيد: (المخمصة: الجوع).

وقوله: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}.

قال ابن عباس: (غير متعمد لإثم). وقال ابن زيد: (لا يأكل ذلك ابتغاء الإثم، ولا جراءة عليه).

وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

يعني من ألجاته الضرورة لأكل بعض هذه المحرمات فلا حرج والله غفور له رحيم، يتجاوز عن عبده ما أوقعه فيه العنت والهلاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015