وقوله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}.
الشنآن: البُغْض. قال ابن عباس: (لا يحملنكم شنآن قوم) - أي على العدوان.
والمقصود: الحكم بالعدل وترك الاقتصاص ممن منع المسلمين يوم الحديبية من الوصول إلى المسجد الحرام. كما قال جل ثناؤه: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8)}. وهو أمر بالعدل في جميع الأحوال.
أخرج البزار والطبراني بسند حسن عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ثلاثٌ مهلكات، وثلاثٌ منجياتٌ، فقال: ثلاث مهلكات: شُحٌّ مطاع، وهوىً مُتَّبَعٌ، وإعجاب المرءِ بنفسه. وثلاث مُنْجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا] (?).
قال بعض السلف: (ما عاملتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، والعَدْلُ به قامت السماوات والأرض).
وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
أَمْرٌ من الله عباده بالتعاون في فعل الخيرات وأعمال البر والتقوى، وترك المنكرات والمآثم وعدم المعاونة عليها. وفي السنة الصحيحة كنوز كثيرة في هذا المعنى:
الحديث الأول: أخرج البخاري عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. قيل: يا رسول الله! هذا نصرتُه مظلومًا، فكيف أنصره إذا كان ظالمًا؟ قال: تحجُزُه وتمنعه، فإن ذلك نصره] (?).
وفي رواية: [تمنعه من الظلم فذاك نصْرك إياه].
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن يحيى بن وثّاب، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أظنه ابن عمر -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [المؤمن الذي يُخالط