وقوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ}.

ذكر ابن جرير أنها في مصحف ابن مسعود: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ}. والراجح أنها {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} وهي كذلك في مصاحف الأئمة، ومصحف أبي بن كعب، والأشهر عند جماهير القراء.

فيكون التأويل بأحد طريقين:

1 - وأمدح {وَالْمُقِيمِينَ} للصلاة، أو: وأخص {وَالْمُقِيمِينَ} الصلاة منهم. فيكون لفظ {وَالْمُقِيمِينَ} قد نصب على المدح أو الاختصاص، كقوله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} [البقرة: 177]. . أي: وأخص الصابرين، أو: وأمدح الصابرين.

2 - أن يكون مخفوضًا، أي: في محل جر، والتأويل: (بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالمقيمين الصلاة) - أي: بالعطف على ما سبقها، والتقدير: وبإقامة الصلاة، أي: يعترفون بوجوبها ويقرون بكتابتها عليهم.

وذهب ابن جرير إلى أن المقصود الملائكة، ولا وجه له ولا يدل عليه السياق، بل الأنسب أن يقال: استثنى أهل الرسوخ في العلم من يهود من المؤمنين الذين يؤمنون بما أنزل إليهم وما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وخاصة الذين يقيمون الصلاة مع المؤمنين {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} - زكاة الأموال، وزكاة النفوس. {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}: أي: يشهدون لله بالوحدانية ويؤمنون بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب.

وقوله: {أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}. أي: الجنة، لقاء هذا التحول في تجديد الإيمان من رسولهم إلى خاتم المرسلين، عليه الصلاة والسلام، ومتابعتهم له بمنهج الإيمان والعمل الصالح وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي بُردة بن أبي موسى عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [ثلاثة يؤتون أجوهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه وأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران، وعبد مملوك أذّى حق الله عز وجل عليه وحق سَيّده فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غِذاءها ثم أدّبها فأحسن أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015