وأمَّا ما عدا ذلك، فإنَّه منَ المصادرِ الاستدلاليَّةِ المعتمدةِ على هذه المصادرِ النَّقليَّةِ.
وإذا تأمَّلْتَ التَّفسيرَ باللُّغةِ، فإنكَ ستجدُ أنَّ هذا المصدرَ يتنازعُه النَّقلُ والاستدلالُ، ذلك أنَّ التَّفسيرَ المعتمدَ على اللُّغةِ إذا كان لا يَحْتَمِلُ إلاَّ معنى واحداً، فإنه أَشْبَهُ بالمصادرِ النَّقليَّةِ لعدمِ وجودِ احتمالٍ آخرَ في تفسيرِه يحتاجُ إلى استدلالٍ (?).
وإذا كان يحتملُ أكثرَ من معنى؛ فإنَّ حملَه على أحدِ هذهِ المحتملاتِ يعتمدُ على الرَّأيِ والاجتهادِ، وبذا يكونُ داخلاً في الاستدلالِ، والله أعلم.
وبضَرْبِ المثالِ تَتَّضِحُ هذه المسألةُ:
1 - قولُه تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، لم يقعْ خلافٌ في أنَّ تفسيرَ «شانئك»: مُبْغِضُكَ، ذلك أنَّه لا يوجد لمعنى الشانئِ في لغةِ العربِ غيرُ هذا المعنى.
قال ابن فارس (ت:395): «الشينُ والنونُ والهمزةُ أصلٌ يدلُّ على البِغْضَةِ والتَّجنُّبِ للشَّيء» (?)؛ لذا لا يمكنُ أنْ يحتملَ التَّفسيرُ قولاً آخرَ، فالتَّفسيرُ اللُّغويُّ ـ في مثلِ هذه الحالةِ ـ أشبهُ بأنْ يكونَ تفسيراً نقلياً، لأنه لا أثرَ في مثلِ هذا المثالِ لاجتهادِ المفسِّرِ في اختيارِ أحدِ المحتملاتِ اللُّغويَّةِ.
2 - ورد في معنى «الهيمِ» من قوله تعالى: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55] قولان: