وكذا تفسيرُ السَّلفِ يدلُّ على المعنى المراد من المعاني المحتملةِ، فما ناقضَه من المعاني رُدَّ، ولو كانَ لغويًّا، وقد بيَّنتُ هذا باستفاضةٍ في القاعدةِ الأولى: (كل تفسير لغوي وارد عن السلف يُحكم بعربيته، وهو مقدم على تفسير اللغويين)، وبيَّنتُ فيها أنَّ الواردَ عن السلف حجةٌ في بيان اللغةِ.
وقد بيَّنتُ في نهايةِ قاعدة: (لا يصحُّ اعتماد اللُّغةِ دونَ غيرِها من المصادرِ التَّفسيريَّةِ)، بيَّنتُ قاعدةً ناشئةً عنها، وهي: أنه ليس كلُّ ما وردَ في اللُّغةِ يلزمُ ورودُه في القرآنِ، وذكرتُ قولَ بعضِ العلماءِ في هذا، وما ردَّه بعضُهم من التَّفسيراتِ بناءً على هذه القاعدةِ.
* وفي القاعدة الرابعة بيَّنتُ أنَّه حينما يأتي تفسيرٌ عن السلفِ لا تجدُه في معاجم اللُّغةِ، فلا تتسرَّعَ في ردِّه؛ لأنَّه قد يكونُ فسَّرَه على المعنى لا على اللفظِ، أو يكونُ دلالةً لغويَّةً جهِلَها اللُّغويونَ ولم ينقلوها.
وبينتُ فيها أنَّه إذا كانَ التفسيرُ الواردُ عن السَّلفِ تفسيراً على المعنى، فإنه لا يخالفُ التفسيرَ على اللَّفظِ، ومن هذا المنطلقِ؛ فإنَّ معرفةَ طريقةِ السَّلفِ في التَّفسيرِ على المعنى نافعةٌ جدًّا لمن يقرأ في تفسيرهم؛ لأنَّه بمعرفةِ القارىء لهذا النوعِ من التَّفسيرِ تزولُ عنه مشكلاتٌ كثيرةٌ يراها في تفسيرِ السلفِ، قد يخطِّئها، ولو كان على علمٍ بطريقتِهم هذه، لسهُلَ عليه معرفةُ وجْهَةِ أقوالِهم، ومعرفةُ مخرجها وسبب ذلكَ التَّفسيرِ، وبهذا يكونُ قد أراحَ نفسَه من عناءِ التَّخطئةِ، وتكلُّفِ الرَّدِّ.
وأخيراً:
هذه جملةٌ من نتائجِ البحثِ، وهناك غيرُها من النتائجِ الجزئيَّةِ التي تراها منثورةً فيه، والتي ستظهرُ في فهرسِ مسائل الكتاب العلمية إن شاء الله، والله الموفقُ، أسأُلُه أن يسدَّ خَلَلِي، ويتمَّ عليَّ نعمتَه، ويجعلَ هذا البحثَ خالصاً لوجهِه الكريمِ، وأن يكونَ في ميزانِ حسناتي يوم ألقاه، وآخرُ دعوايَ أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.