والتَّفسيرُ على الإشارةِ يدخلُ في التفسيرِ على القياسِ، كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلامِ ابن تيمية (ت:728)، فقال: «تلك الإشارات هي من باب الاعتبار والقياس وإلحاقِ ما ليس بمنصوصٍ بالمنصوصِ، مثل الاعتبارِ والقياسِ الذي يستعمله الفقهاءُ في الأحكامِ» (?).
وقال أيضاً: «وأمَّا أربابُ الإشاراتِ الذين يُثبتونَ ما دلَّ عليه اللَّفظُ، ويجعلونَ المعنى المُشَارَ إليه مفهوماً من جهةِ القياسِ والاعتبارِ، فحالهم كحالِ الفقهاءِ والعالمينَ بالقياسِ، وهذ حقٌّ إذا كانَ صحيحاً لا فاسداً، واعتباراً مستقيماً لا منحرفاً» (?).
وهذا القسمُ قليلٌ في تفسيرِ السَّلفِ، وإنما كَثُرَ عندَ الصُّوفيَّةِ، كما ذكر ابن القيِّم (ت:751).
وسأذكر لهذا القسم مثالاً لتمامِ الفائدةِ.
من أشهرِ أمثلةِ التَّفسيرِ على الإشارِة، تفسيرُ ابن عباسٍ (ت:68) لسورة النَّصرِ بأنها قربُ أجلِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، قال ابن عباس (ت:68): «كان عمرُ يدخلني مع أشياخ بدرٍ، فكأنَّ بعضهم وَجَدَ في نفسهِ، فقالَ: لِمَ تُدخِلُ هذا معنا، ولنا أبناءٌ مثلُهُ؟!
فقالَ عمرُ: إنَّه من حيثُ علمتُم.
فدعا ذاتَ يومٍ، فأدخلَه معهم، فما رُئيتُ أنَّه دعاني يومئذٍ إلاَّ ليُريَهم.
فقالَ: ما تقولون في قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]؟
فقالَ بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفرَه إذا نصرنا وفتحَ علينا. وسكتَ بعضهم، فلم يقل شيئاً.