{حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ} يعني: من العِلْم البَاطِنِ.
{مِنْ قَبْلُ} يعني: عندَ ظهورِ فضلاتِهم في الأدوارِ الأوَّلةِ ...» (?).
فَمِنْ أيِّ مأخذٍ أخذَ هذا التأويلَ، وما مصدرُه فيه، غيرَ أنَّه لا يخفى على من يرى مثلَ هذا الكتابِ أنه قصدَ التحريفَ، ومن طالعَ مثلَ هذا الكتابِ، وجدَ فيه كثيراً من هذه التَّحريفات العجيبةِ.
والمقصودُ: أنَّ كلَّ منْ فَسَّرَ القرآنَ، وهو جاهلٌ بلغةِ العربِ، أو سالكٌ غيَر طريقِها، فإنه قدْ وقعَ في الخطأِ الأكيدِ، وجانبَ الصوابَ.
وإذا كانَ هذا شأنَ اللغةِ في تفسيرِ القرآنِ، فهلْ يعني هذا أنه يمكنُ أن تستقلَّ بتفسيرِ القرآنِ؟.
معَ ما سبقَ ذكرُهُ من أقوالِ العلماءِ في أهميةِ معرفةِ اللغةِ في تفسيرِ القرآنِ، إلاَّ أنهم ذكروا أنَّ اللغةَ بمجردِها لا تَسْتَقِلُّ به (?).
وهذا يعني أنَّ اللغةَ ليست المصدرَ الوحيدَ الذي يمكنُ لمنْ أحكمَهُ أنْ يفسرَ القرآنَ، إذْ لاَ بُدَّ للمفسِّرِ منْ معرفةِ مصادرَ أُخرَى يعتمدُ عليها في تفسيرِه؛ كالسُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وأسبابِ النُّزولِ، وقصصِ الآيِ، وأحوالِ من نزلَ فيهم الخطابُ، وتفسيراتِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ وتابعيهِم، وغيرِها من المصادرِ التي لا يمكنُ أخذُها عن طريقِ اللُّغةِ.
وبهذا يُعلَمُ أنَّ التَّفسيرَ اللُّغويَّ جزءٌ من علمِ التَّفسيرِ، ومع أن حَيِّزَهُ كبيرُ، فإنَّه لا يَسْتَقِلُّ بتفسيرِ القرآنِ.
وهذا يفيدُ أنَّ اعتمادَ اللُّغةِ بمفردها، دون النَّظرِ في غيرِها من المصادرِ يوقعُ