اسْتَتَبَّ المجلسُ، وهم يريدون أهلَ المجلسِ (?).
* أنَّ هذا من الاستعارةِ؛ لأنَّ الخطابَ للنَّارِ والجوابَ منها في الحقيقةِ لا يَصِحَّانِ، وإنما المرادُ: أنها فيما ظَهَرَ مِنِ امتلائها، وبَانَ مِنِ اغْتِصَاصِهَا بأهلِها بمنْزلةِ النَّاطقةِ بأنَّه لا مزيدَ فيها ولا سَعَةَ عندَها، وذلكَ كقولِ الشَّاعِرِ (?):
امْتَلأ الحَوْضُ وَقَالَ قِطْنِي ... مَهْلاً رُوَيْداً قَدْ مَلأتُ بَطْنِي
ولم يكنْ هناكَ قولٌ مِنَ الحوضِ على الحقيقةِ، ولكنَّ المعنى أنَّ ما ظهرَ من امتلائِه في تلك الحال جارٍ مجرى القولِ منه، فأقامَ الأمرَ المُدْرَكَ بالعينِ مقامَ القولِ المسموعِ بالأُذُنِ (?).
وهذانِ القولانِ أخرجا الخطابَ عن الحقيقةِ، والصوابُ أنَّ الله الذي أنطقَ كُلَّ شَيءٍ يقولُ لجهنَّم قولاً، وجهنَّمُ ترد عليه قولاً، ولا مجالَ لإخراج الكلامِ عن حقيقتِهِ إلاَّ عندَ أصحابِ العقولِ الضَّيِّقَةِ التي لا تَقْدُرُ الله حَقَّ قدرِهِ، وتستبعدُ أنْ يجعلَ الجماداتِ منْ أهلِ المقالِ والإحساسِ، وقدْ حملَ العلماءُ هذا الخطابَ وأمثالَه على الحقيقةِ، قالَ الكرمانيُّ (ت: بعد500) (?): «وجُلُّ المفسرينَ على أنَّ القولَ في الآيةِ حقيقةٌ» (?)، وهذا هو الصواب الذي