على حصولِ التَّمييزِ للحَجَرِ، ووقوعِ الهبوطِ من خشيةِ الله حقيقةً لا مجازاً (?)، وما ذهبَتْ إليه المعتزلةُ ليسَ بشيءٍ؛ لأنه ليسَ شيءٌ إلاَّ أثرُ الصَّنْعَةِ فيه، وإنما هبطَ الحجرُ لوجودِ التَّمييزِ فيه؛ كما قالَ تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]، وكما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18] ولو كان يراد بذلك أثرُ الصَّنعةِ لم يقلْ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}؛ لأنَّ أثرَ الصَّنعةِ شاملٌ للمؤمنِ وغيرِه (?).

قالَ البَغَوِيُّ (ت:516) (?): «فإنْ قيلَ: الحجرُ جمادٌ لا يفهمُ، فكيفَ يَخشى؟

قيلَ: الله يُفْهِمُه ويُلهِمُهُ فيخشى بإلهامِهِ، ومذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ أنَّ لله تعالى عِلْماً في الجماداتِ وسائرِ الحيواناتِ، سوى العقلاء، لا يقفُ عليه غيرُ اللهِ، فلها صلاةٌ وتسبيحٌ وخشيةٌ (?)؛ كما قالَ جلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]، وقال: {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015