ذهبَ إلى هذا التأويلِ الغريبِ الذي لم يُذكرْ عن أحدٍ قبلَهُ. وجعلَ معنى خشيةِ اللهِ؛ أي: من إخشاءِ اللهِ الناسَ بذلك؛ كقوله: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12]؛ أي: للإخافة والإطماع (?).
الثاني: أساليبُ الخطابِ العربيةِ:
ومنْ أمثلةِ انحرافهم بسببِ الأساليبِ العربيَّةِ في الخطابِ:
قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]، وهذه الآيةُ منْ أشهرِ الآياتِ التي سَلَّطَ عليها المبتدعةُ أسلوبَ الحذفِ، والقاعدةُ المقرَّرَةُ في هذا الأسلوبِ: أنه لا يُحْذَفُ إلاَّ ما دَلَّ المقامُ عليه، وأنَّ حذفَهُ لطلبِ الاختصارِ والبلاغةِ في الكلامِ.
وقدْ جعلوا قولَه تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] منْ حذفِ المضافِ، وقدَّرُوهُ عِدَّةَ تقديراتٍ لا يَدُلُّ عليها السِّياقُ، بلْ هي هروبٌ منْ إثباتِ ظاهرِ النَّصِّ إلى التَّنْزِيهِ المزعومِ عندَهم، وهو تعطيلُ صفات اللهِ، ومنْ أشهرِ هذه التَّقديراتِ: جاءَ أمرُ ربكَ بالمحاسبةِ والجزاءِ (?).
وليسَ هناكَ سببٌ لهذا الحذفِ عندَهم سوى الدلائلِ العقليَّةِ المزعومةِ التي رتَّبوها، قال الرَّازيُّ (ت:606): «واعلمْ أنَّه ثبتَ بالدليلِ العقليِّ أنَّ الحركةَ على الله تعالى محالٌ؛ لأنَّ كُلَّ ما كان كذلك، كانَ جِسْماً (?)، والجسمُ