في هذا المثالِ تراهم جعلوا الصُّورَ جمعاً مُفْرَدُهُ الصُّورَةُ، والصحيحُ أنه اسمٌ مفردٌ للقَرْنِ الذي يُنْفَخُ فيه، لا جمعاً للصُّورةِ التي يأتي جمعُها متحرِّكَ الواوِ، فيقالُ: الصُّوَر.
ثُمَّ لو صَحَّ أنَّ الصُّوْرَ جمعُ صُورَةٍ، وأنَّ فتحَ الواوِ فيه سُهِّل إلى السُّكُونِ، فإنَّ ذلك مخالفٌ لمعناهُ المرادِ في النُّصُوصِ، ولذا لا يصحُّ حَمْلُ هذا المعنى على هذه الآياتِ الواردةِ في الصُّورِ، والله أعلم.
3 - في قوله تعالى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] ذُكِرَ تفسيرٌ عجيبٌ فيه تحريفٌ للفظِ {نَاظِرَةٌ}، قالَ الشَّرِيفُ المُرْتَضَى (ت:436): «وهاهنا وجهٌ غريبٌ في الآيةِ ـ حُكِيَ عنْ بعضِ المتأخرينَ (?) ـ لا يفتقرُ مُعْتَمِدُهُ عنِ العدولِ عنِ الظاهرِ، أو إلى تقديرِ محذوف، ولا يحتاجُ إلى منازعتِهم في أنَّ النَّظَرَ يحتملُ الرؤيةَ أو لا يحتملُها، بلْ يَصِحُّ الاعتمادُ عليه، سواءٌ كانَ النَّظَرُ المذكورُ في الآيةِ هو الانتظارُ بالقلبِ، أو الرؤيةُ بالعينِ، وهو أنْ يُحْمَلَ قولُه تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} على أنَّه أرادَ به: نِعْمَةَ رَبِّهَا؛ لأنَّ الآلاءَ النِّعَمُ، وفي واحدِها أربعُ لغاتٍ: ألاَ، مثلُ: قَفَا، وأَلْيٌ، مثلُ: رَمْيٌ، وإلَىً، مثلُ: مِعَىً، وإِلْيٌ، مثلُ: حِسْيٌ، قال أعشى بكرِ بنِ وائلٍ (?):