وقدْ خبَّرَ اللهُ جَلَّ وعَزَّ عنْ أنبيائِهِ بالمعاصي التي غفرَهَا وتجاوزَ عنهم فيها، فقالَ تباركَ وتعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121]، وقال لِنَبِيِّه محمدٍ عليه السلام: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ *وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ *الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 1 - 3]، وخبَّر بمثلِ هذا عنْ يُونُسَ وَدَاوُدَ عليهما السلام، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ما من نبي إلاَّ قد عصى الله، إلاَّ يحيى بن زكريا (?).
وقال أبو عبيدٍ: قال الحسنُ: إنَّ الله جلَّ وعزَّ لم يقصصْ عليكم ذنوبَ الأنبياء تعييراً منه لهم، ولكنه قصَّها عليكم لئلا تقنطوا من رحمتِه.
قال أبو عبيدٍ: يذهبُ الحسنُ إلى أنَّ الحُجَجَ من اللهِ جلَّ وعزَّ على أنبيائه أوكدُ، ولهم ألزمُ، فإذا قَبِلَ التوبةَ منهم، كان إلى قبولِها منكم أسرعُ.
وإلى مذهبِنا هذا كان يذهبُ علماءِ اللُّغةِ: الفرَّاءُ، وأبو عبيدٍ، وغيرُهما» (?).
ثانياً: إنْ لم يُسْعِفْهُمْ في اللَّفظِ تعدُّدُ استعمالِه، عَمَدُوا إلى تفسيرِه