وربما أُلزِم المناظِر منهم بأشياء باطلة في ذاتها، جرَّه إليها هذا الجدل العقيم، فالتزمها، وصارت له عقيدة يدافع عنها (?).
ومن الإلزامات الباطلة في هذه المناظرات، ما حُكِيَ عن أبي الهذيل العلاف (ت:235) (?) في انقطاعِ حركةِ أهلِ الجنَّةِ وأهلِ النَّارِ، وأنهم يصيرونَ إلى سكونٍ دائمٍ، قال الشَّهْرَسْتَاني (ت:548) (?): «قوله: إنَّ حركاتِ أهلِ الخُلدَينِ تنقطعُ، وأنَّهم يصيرونَ إلى سكونٍ دائمٍ خموداً، وتجتمعُ اللَّذاتُ في ذلك السُّكونِ لأهلِ الجنَّةِ، وتجتمعُ الآلامُ في ذلك السُّكونِ لأهلِ النَّارِ.
وهذا قريبٌ منْ مذهبِ جَهْمٍ (?)، إذ حكمَ بفناءِ الجنَّةِ والنَّارِ. وإنما التزم بذلك المذهبِ لأنَّه لما أُلْزِمَ في مسألةِ حدوثِ العَالَمِ: أنَّ الحوادثَ التي لا أوَّلَ لها كالحوادثِ التي لا آخرَ لها، إذْ كُلُّ واحدةٍ لا تتناهى.