ومنْ أمثلةِ الاختلافِ بسببِ القراءةِ:

قولُه تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30] حيثُ وَرَدَ في لفظِ «تبلوا» قراءتانِ: تتلوا بالتاء، وتبلوا بالباء.

قال الأزهري (ت:370): «فمنْ قرأ: تبلوا، فمعناه: تَخْبُرُ؛ أي: تَعْلَمُ كلُّ نفسٍ ما قدَّمت. ومنْ قرأ: تتلوا بتاءين، فهو منَ التِّلاوةِ؛ أي: تَقْرَأُ كلُّ نفسٍ، ودليل ذلك قولُه: {اقْرَا كِتَابَكَ} [الإسراء: 14].

وقالَ بعضُ المفسرينَ ـ في قوله: تتلوا ـ: تَتْبَعُ كلُّ نفسٍ ما أسلفتْ؛ أي: قدمتْ منْ خَيرٍ أو شَرٍّ» (?).

إنَّ القراءتينِ في هذا المثالِ مختلفتانِ في النُّطْقِ، وتبعَهُ اختلافُ تفسيرِهما، ولذا صارتْ كُلُّ قراءةٍ كأنَّها آية مستقلَّةٌ عن أختها. وهي بهذا خارجةٌ عن المقصودِ في هذا البحثِ (?).

أمَّا ما وردَ من اختلافِهِم في مدلولِ: تَتْلُوا، بأنه: تَتْبَعُ أو تَقْرَأُ، فهو داخلٌ في هذا البحثِ؛ لأنه اختلافٌ في دلالةِ لفظٍ واحدٍ في صورةٍ واحدةٍ.

وسأشرحُ هذه الأسبابَ، وأذكرُ لكلِّ سببٍ ما يوضِّحه منَ الأمثلةِ.