4 - وقال: «وقولُه جلَّ وعزَّ: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل: 37]، قالَ الزَّجَّاجُ: هو كما قالَ جَلَّ وعَزَّ: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ} [الأعراف: 186] (?).
قلت: والإضلالُ في كلامِ العربِ ضدُّ الهدايةِ والإرشادِ، يقالُ: أضْلَلْتُ فلاناً عن الطَّريقِ، وإياه أرادَ لَبِيدُ (?):
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخَيرِ اهْتَدى ... نَاعِمَ البَالِ وَمَنْ شَاء أضَلْ
وقالَ لَبِيدُ هذا في جاهليتِه، فوافقَ قولُه التَّنْزيلَ، يُضِلُّ من يشاءُ» (?).
وما ذكر هنا هو الحقُّ، لأنَّ اللهَ سبحانه قد ذكرَ أنه يهدي ويُضِلُّ، ولا يجوزُ أن يُعْتَبَطَ في هذا شذوذٌ من التَّأويلات والتَّحريفاتِ التي أخرجتها عقولٌ مؤوِّلةٌ مأفونةٌ.
وهذه الأمثلة، وغيرها مما لم أنقلْه، تبيِّنُ صِحَّةَ معتقدِ الأزهريِّ (ت:370)، وأنه كان على منهجِ السَّلفِ، لذا لم تظهرْ عنده تلك الانحرافاتُ التي تعتمدُ على سَعَةِ اللُّغةِ لإثباتِ صحَّتها، والله الموفق.