ويلاحظُ في هذه التعريفات أنها لم تذكر الأساليبَ التي تتميزُ بها اللُّغةُ؛ كالحذفِ والاختصارِ والكنايةِ والاستعارةِ وغيرِها من الأساليبِ العربيَّةِ التي لها أثرٌ في الفَهْمِ حَالَ التَّخاطُبِ بَين المتخاطِبينَ بها. ولغةُ العربِ من أوسعِ اللُّغاتِ في التَّفننِ بهذه الأساليبِ.
والمقصودُ: أنَّ كلامَ المخاطِبِ قد لا يكفي في فهمِه معرفةُ الألفاظِ وتراكيبِ الجملة، بلْ يُحْتَاجُ إلى معرفةِ الأسلوبِ الذي استعملَه المتكلمُ، ففي قوله تعالى: {قَالُوا ياشُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَامُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] تجدُ أنَّ قولَهُم: {إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} ظاهرُه المدحُ؛ لأنَّ هذه الألفاظَ ألفاظُ مدحٍ، ولكن السياق يدلُّ على أنَّ هذا الأسلوبَ أسلوبُ تَهَكُّمٍ وسخريةِ، قال الطبري (ت:310): «وأمَّا قولُهم لشعيبٍ: {إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}، فإنهم ـ أعداءُ اللهِ ـ قالوا ذلك له استهزاءً به، وإنما سَفَّهُوه وجَهَّلُوه بهذا الكلامِ، وبما قلنا من ذلك قالَ أهل التَّأويلِ» (?). ثمَّ ذكرَ الروايةَ في ذلك عن ابنِ جريجٍ (ت:150) (?)، وابن زيدٍ (ت:182) (?).
وقد أوردَ العلماءُ في بعضِ الأساليبِ قواعدَ تَدُلُّ على أثرِ هذه