السِّجستاني (ت:255) من منزلةٍ وأثرٍ عليه، وقد كانَ مكثراً من النقلِ عنه، والاعتمادِ عليه (?)، وجائزٌ أنْ يكونَ تأثَّرَ به في هذا التَّورُّعِ في التَّفسيرِ، والله أعلم، حيث ورد عنه مثل هذا، ومن ذلك:
* قال أبو حاتم (ت:255): «قال: أبو عبيدةَ (?): {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: أقبلَ، ويقالُ: أدبرَ». ثُمَّ ذكرَ شواهدَ أبي عبيدةَ (ت:210) على ذلك، ثمَّ قالَ: «قدْ تقلَّدَ أبو عبيدةَ أمراً عظيماً، ولا أظنُّ هاهنا معنىً أكثرَ من الاسودادِ.
عَسْعَسَ: أظلمَ واسوَّدَ في جميعِ ما ذكرَ، وكلُّ شيءٍ من هذا البابِ في القرآن يُتَّقَى، وما لم يكنْ في القرآنِ، فهو أيسرُ خطباً» (?).
* وقال أبو حاتم (ت:255): «وقالوا: المسجورُ: المملوءُ ... وقالَ بعضهم: المسجورُ: الفارغُ. بَلَغَني ذاك، ولا أدري ما الصَّوابُ، ولا أقولُ في قولِه تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: 6] شيئاً، ولا أقولُ في قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]؛ لأنه قرآن، فأنا أتقيه» (?).
هذا، ولا يبعدُ أنْ يكونَ أبو حاتم (ت:255) ـ كذلك ـ متأثراً في هذا بمذهبِ شيخِهِ الأصمعيِّ (ت:215) الذي اشتهرَ عنه أنه كان يَتَّقِي تفسيرَ القرآنِ، ولا يُفَسِّرُ لفظةً واردةً في القرآنِ (?). والله أعلم.