يقولُ أبو هريرةَ: اقرءوا إن شئتم: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]» (?).

ويظهرُ في كتابِ مجازِ القرآن أنَّ أبا عبيدة (ت:210) كانَ يعتمِدُ على المخزونِ اللُّغويِّ الذي كانَ يحفظُهُ، سواءً أكانَ تفسيرَ ألفاظٍ، أم كانَ شواهدَ شعريَّةً.

ويبدو أنَّ ثقافتَهُ اللُّغويَّةَ الثَّرِيَّةَ أحدثتْ عنده اعتداداً بعلمِهِ، وجعلتْه يُقِلُّ من النَّقْلِ عن غيرِه، حتى إنَّكَ لا ترى أثراً للنَّقلِ عن المتقدِّمين من علماءِ السَّلفِ واللُّغويِّينَ: أمَّا نقله عن السَّلفِ، فقليلٌ جداً، ولا يكادُ يُذكرُ، وأمَّا اللُّغويُّونَ، فهو يُعَدُّ في الطبقةِ الثَّانيةِ من طبقاتِ القرنِ الثاني، إذ سبقَهُ طبقةُ شيوخِهِ، أمثالُ: أبي عمرو بنِ العلاءِ (ت:154)، والخَليلِ بنِ أحمدَ (ت:175)، ويونسَ النَّحويِّ (ت:182)، ونقله عنهم أكثر من نقله عن السَّلفِ، لكنه قليلٌ أيضاً.

ومما يدلُّ على هذا ما وردَ عن تلميذِه أبي عمر الجَرْمِيِّ (ت:225) (?)، قال: «أتيتُ أبا عبيدةَ بشيءٍ منه [يعني: مجاز القرآن]، فقلت له: عمَّنْ أخذتَ هذا يا أبا عبيدة؟ فإنَّ هذا خلاف تفسيرِ الفقهاءِ (?).

فقال لي: هذا تفسيرُ الأعرابِ البوَّالينَ على أعقابهم، فإنْ شِئتَ فخذْهُ، وإنْ شئتَ فَذَرْهُ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015