وقدْ أنكرَ قومٌ هذه القراءةَ، وقالوا: الله عزّ وجل لا يعجبُ.

وإنكارُهم هذا غلطٌ؛ لأنَّ القراءةَ والرِّوايةَ كثيرةٌ، والعجبُ من اللهِ عزّ وجل خلافُه من الآدميِّينَ؛ كما قال: {وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: 30]، و {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79]، {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]، والمكرُ من اللهِ والخداعُ خلافُه من الآدميِّينَ.

وأصلُ العُجبِ في اللُّغةِ: أنَّ الإنسانَ إذا رأى ما ينكرُه، ويقلُّ مثلُه، قال: عَجِبْتُ من كذا وكذا، وكذا إذا فعلَ الآدميونَ ما ينكرُه اللهُ، جازَ أن يقولَ فيه: عَجِبْتُ، واللهُ قد علِمَ الشَّيء قبلَ كونِه، ولكن الإنكار إنما يقع والعجب الذي يلزم به الحجةُ عند وقوع الشيء» (?).

وكذا ما وردَ عنه في تفسيرِ صفةِ العلمِ في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]، قال: «وهو عزّ وجل قدْ علِمَ ـ قبلَ خلقِهم ـ المجاهدينَ منهم والصابرينَ، ولكَّنه أرادَ العلمَ الذي يقعُ به الجزاءُ؛ لأنه يجازيهم على أعمالهم، فتأويلُه: حتى يعلمَ المجاهدينَ عِلْمَ شهادةٍ، وقد عَلِمَ عزّ وجل الغيبَ، ولكنَّ الجزاءَ بالثوابِ والعقابِ يقعُ على علمِ الشهادةِ» (?).

ومن قرأ في كتابِه وجده معظِّماً للسُّنَّةِ ولسلفِ الأمَّةِ، بخلافِ المعتزلةِ الذينَ لا يعرفونَ لهما حقَّهما، ووقوعُه في أفرادٍ من المسائلِ ـ لو كان ـ لا يُخرِجُه عن أهل السُّنَّةِ والجماعةِ، واللهُ الموفقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015