أمَّا ما يتعلقُ بالأداءِ في القراءاتِ؛ كالإمالةِ، والتَّقليلِ، والهمزةِ، والإدغامِ، وغيرِها، فإنَّه لا أثرَ لها في التَّفسيرِ، ومن ثَمَّ، فهي ليست من علومِ التَّفسيرِ التي يحتاجها المفسِّرُ.
3 - كما يلاحظُ أنَّ بعضَ العلومِ المذكورةِ لم يُذكَرْ لها ضابطٌ فيما يدخلُ منها وما لا يدخلُ في التَّفسيرِ.
ومن العلومِ ـ مثلاً ـ علمُ الأحكامِ (أي: علم الفقه)، وليس كلُّ ما ذُكِرَ منه في كتبِ التَّفسيرِ داخلاً في مصطلحِ التَّفسيرِ؛ لأنَّ بعضَ المفسِّرينَ يتوسَّعونَ في ذكرِ المسائلِ المتعلِّقةِ بموضوعِ الحكمِ الشَّرعيِّ الذي نَصَّتْ عليه الآيةُ، وهذا التَّوسُّعُ محلُّه كتبُ الفقهِ، وليسَ كتبَ التَّفسيرِ، وقد أشارَ إلى ذلك بعضُ المفسِّرينَ، منهم:
* الطبريُّ (ت:310)، قال في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنَّ اللهَ تعالى ذكرُه حرَّمَ قتلَ صيدِ البرِّ على كلِّ مُحْرِمٍ في حالِ إحرامِه ما دام مُحرِماً بقولِه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95]، ثمَّ بيَّنَ حكمَ من قتلَ ما قتلَ من ذلكَ في حالِ إحرامِه مُتعمِّداً لقتلِه، ولم يُخصِّص به المتعمِّدَ قتلَه في حالِ نسيانِه لإحرَامه، ولا المخطئَ في قتلِه في حالِ ذكرِه إحرامَه، بل عمَّ في التَّنْزيلِ ـ بإيجابِ الجزاءِ ـ كلَّ قاتلِ صيدٍ في حالِ إحرامِه متعمِّداً ... وأمَّا ما يلزمُ بالخطأ قاتلَه، فقد بيَّنَّا القول فيه في كتابنا: (كتابِ لطيفِ القولِ في أحكامِ الشَّرائعِ) بما أغنى عن ذكرِه في هذا الموضعِ.
وليسَ هذا الموضِعُ موضعَ ذكرِه؛ لأنَّ قصدنا في هذا الكتاب؛ الإبانةُ عن تأويلِ التَّنْزيلِ، وليسَ في التَّنْزيلِ للخطَأ ذِكْرٌ، فنذْكُر أحْكامَه» (?).