النَّبي صلّى الله عليه وسلّم في كتابه» (?).

إذا تأملت هذه النُّصوصَ وجدتَ أنَّ الفرَّاء (ت:207) والزَّجَّاج (ت:311) قد فَرَّقا بين (المعنى) و (التَّفسير) في المثالين. وأنَّ المعنى يُدرك باللُّغةِ، أمَّا التَّفسيرُ فلا يُدْرَكُ إلاَّ بالرِّوايةِ.

وزاد الزَّجَّاجُ (ت:311) في المثالِ الثالثِ بيانَ أثرِ التَّفسيرِ على المعنى. والتَّفسير هاهنا قول قتادة (ت:117)، وهذا يُؤَيِّدُ ما قُلْتُهُ في أوَّلِ الكلام.

* أنَّ التَّخصُّصَ العلميَّ لهؤلاء اللُّغويِّين قد طغى على بحوثهم، ولو قُمتَ بفرزِ موضوعاتِ كتب معاني القرآنِ، فإنك ستجدُ أنَّ أغلبَها يقومُ على البحثِ النَّحويِّ والبحثِ اللُّغويِّ، وأنها لا تخلو منْ ذكرِ أسبابِ النُّزولِ، وقَصَصِ الآي، وأقوالِ المفسِّرينَ، على تفاوتٍ بينها في ذلك.

أمَّا الإعرابُ، فهو أكثرُ وأشهرُ في كتابِ الأخفشِ (ت:215)، ثُمَّ الفرَّاءِ (ت:207)، ثُمَّ الزَّجَّاجِ (ت:311). أمَّا النَّحاسُ (ت:338)، فقدْ أفردَهُ في كتابٍ مُسْتَقِلٍّ عن المعاني.

وأمَّا المعنى، فهو أكثرُ عندَ النَّحاسِ (ت:338)؛ لأنه خصَّه بكتابٍ مستقلٍ، ولم يُدخلْ فيه الإعرابَ، ثمَّ عند الزَّجَّاجِ (ت:311)، ثُمَّ عند الفرَّاءِ (ت:207)، ثُمَّ عند الأخفشِ (ت:215)، وهو قليلٌ جداً في كتابه.

وأمَّا التَّفسير [أي: أقوال السلف في مصطلح أصحاب معاني القرآن]، فأكثرُهم ذكراً له النَّحاسُ (ت:338)، بل يكاد أنْ يكونَ ذكرُه لأقوالِ السَّلفِ أكثرَ منْ ذكرِه لأقوالِ أهلِ اللُّغةِ والمعاني، وذلك لأنَّه نصَّ في منهجهِ في مقدمةِ كتابِه على اعتمادِ النَّقلِ عنهم في ما وردَ لهم في التَّفسيرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015