وإنما يؤمرُ تأكيداً وإشارةً بها، وهي أوامرُ دونَ حروفٍ وأصواتٍ، بلِ الكلامُ القائمُ بالذاتِ» (?).

وهذا الكلامُ مبنيُّ على أنَّ اللهَ لهُ كلامٌ نفسيٌ قائمٌ بذاتِه، وهو لا يتكلَّمُ بمشيئتِه وإرادتِه، وهذا مخالفٌ لتنْزيهِ اللهِ الفعَّالِ لما يريدُ، فهو متَّصفٌ بصفةِ الكلامِ أزلاً، وهو أيضاً يتكلمُ متى شاء، كما أنَّه متى شاء سخِطَ، ومتى شاءَ رضِيَ إلى غيرِ ذلك من الأفعالِ الاختياريَّةِ التي يفعلها الفعَّالُ لما يريدُ متى ما أرادَ لا رادَّ لمشيئتِه، ولا حاجبَ له سبحانه وتعالى عن فعلِه.

ولما كانت هذه عقيدتُه في كلامِ اللهِ، ألغى دلالةَ عطفِ التراخي في «ثُمَّ»، ودلالةَ التعقيبِ في «الفاء»؛ لأنهما تدلانِ على تكلُّمه سبحانه عند حدوثِ هذه الأشياءِ، وهذا يخالفُ معتقدَه؛ لذا لم يمنعه هذا من مخالفةِ المعروفِ من اللغةِ من أجلِ رأيه الذي يعتقدُه.

4 - وفِي قول الله تعالى: {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90]، قال: «وَدُودٌ، معناه: أنَّ أفعالَه ولطفَه بعبادِه لما كانت في غايةِ الإحسانِ إليهم، كانتْ كَفِعْلِ منْ يتودَّدُ ويَوَدُّ المصنوعَ له» (?).

وما ذكرَه ليسَ معنًى لاسمِ اللهِ الوَدُودِ، بلْ هو من لازمِ معنى هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015